1
طالعتنا الصحف مؤخراً بخبر يقول أن الممثلة السورية المسيحية (جيني أسبر) ستقوم بتجسيد شخصية السيدة أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها وهذا الخبر جدير بأن ينظر إليه باهتمام وروية.
فمن حيث المبدأ – لا من حيث التشريع طبعاً – من وجهة نظر فنية جداً لا مانع من هذا بعد موافقة الجهات الدينية وعلماء الدين الإسلامي على تجسيد مثل هذه الشخصيات الإسلامية العظيمة ، لكن الذي يدعو للأسف والأسى أن لهذا العمل تبعاته الخطيرة جداً ابتداءً من الخبر الصحافي الذي أتى بالممثلة جينى عارية الكتفين في صورة منفرة ومستفزة لمشاعر المسلمين بالإشارة إلى أنها ستجسد شخصية السيدة أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنها وهي بنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم (صديق الأمة) وزوجة حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم الزبير بن العوام أحد العشرة المبشرين بالجنة ، فكيف يظهر الخبر بهذا الشكل المقزز.
وكيف يسمح بإذاعة مثل هذا العمل في حين يتم منع عرض أي مسلسل يشير إلى قضايا اجتماعية مهمة تمس أي طائفة من الطوائف أو تمس أي فصيل سياسي ؟
هل الإسلام ورموزه (كلأ مباح) لكل من هب ودب يرتع فيه كيفما شاء وبأي طريقة شاء ؟
والمعروف أن سيرة آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الأبرار الأطهار رضوان الله عليهم جميعا أعظم من أي عمل درامي , فإن كان العمل الدرامي سيحط من شأنهم ولن يوصل رسالة للمشاهد تبين رفعتهم وعظمتهم فما الفائدة من هذا العمل وما الهدف منه ؟
أغلب الممثلين والممثلات الذين قاموا بتجسيد شخصيات إسلامية قاموا بعد ذلك وقبله بتجسيد شخصيات أبسط ما يقال عنها أنها منحطة ونماذج سيئة في المجتمع وهذه خطورة كبيرة ، فكيف للمشاهد الذي يشاهد جيني أسبر تجسد شخصية السيدة أسماء بنت أبي بكر أن يشاهد لها عمل آخر تجسد شخصية فتاة ساقطة ضائعة تبرز مفاتنها للرجال . وأذكر هنا الممثلة نبيلة عبيد عندما جسدت شخصية رابعة العدوية ، فماذا قدمت نبيلة عبيد من أعمال ؟ لقد ارتبطت مشاهد الإغراء والعري بنبيلة عبيد طيلة مشوارها الفني . والمسألة ليست من جيني أسبر ببعيد فهي تقوم في أحد أدوارها بدور فتاة تلبس ملابس مثيرة وتتعرض للاغتصاب ، وقد ارتبطت هذه النوعية من الأدوار بجينى أيضاً .
كانت جيني ملكة جمال المغتربين في أوكرانيا التي عاشت بها (16) عاماً ثم تحولت بعدها إلى عارضة أزياء في لبنان ومن ثم إلى ممثلة . والمسألة أيضاً تنطبق على الممثل السوري المسيحي باسم ياخور الذي جسد شخصية خالد بن الوليد رضي الله عنه ، وقد قدم باسم ياخور دوره بشكل جيد على المستوى الفني ولكن ما هي سيرة باسم ياخور الفنية؟ وما الذي قدمه من أدوار أيضاً ؟ وماذا يعني أن يقدم ممثل مسيحي شخصية صحابي جليل ؟
وحتى أوضح الصورة فإنني لست ضد أن يؤدي ممثل مسيحي دور شخصية إسلامية, ولكن لهذا شروط, فيجب أولا أخذ موافقة علماء الدين لتجسيد الشخصية والموافقة على النصوص المطروحة, بعدها يتم اختيار الممثل المسلم الملتزم المثقف القارئ عن تاريخ هذه الشخصيات بشرط أن يكون بارعا في أداء هذا الدور , فإن لم يتوافر هذا الممثل يتم اختيار الممثل الملتزم أخلاقيا بأعمال هادفة ومحترمة - وإن كان مسيحيا .
ولابد أن يعلم كل من يعمل في الحقل الفني أن الإسلام والشخصيات الإسلامية تمثل عند كل مسلم عقيدة لا يمكن المساس بها ولابد أن تؤدي الجهات الرقابية دورها في حماية الرموز الإسلامية من أي تعد أو اجتراء .
كان الممثل المصري حسين صدقي - رحمه الله - نموذجاً للممثل الملتزم وكان دائماً يقدم أعمالاً قيمة تحترم عين المشاهد ورأسه وقد قدم الكثير من هذه الأعمال التي نذكر منها فيلم خالد بن الوليد الذي لم يره أو يسمع عنه إلا القليل جداً من المهتمين بتاريخ السينما ، وقيل أنه في آخر حياته أوصى بحرق جميع أفلامه على الرغم من كونها أعمال قيمة واستثنى منها خالد بن الوليد ، ولا بد هنا أن أذكر الفنان الممثل والمخرج والكاتب المبدع ( نايف الراشد ) الذي أرى في الكثير من أعماله أفكاراً ناضجة وقضايا تمس كل فرد في المجتمع . تم تقديمها بحبكة درامية بارعة وحرفية فنية عالية ، لم تخل من الإثارة ومتعة المشاهدة.
وما أعجبني جدا في مسلسل ( صاحبة الامتياز ) هو النموذج المسلم المعتدل الذي جاء بديلا عن المسلم الذي يدعي الالتزام دون فهم أو وعي .
وخلال حقبة طويلة من الزمن ظلت الدراما العربية تلعب دورا خطيرا في هدم الأخلاقيات والسخرية من الدين وأهله متمثلا في مدرس اللغة العربية والمأذون الشرعي ورجل الدين، فتأتي بهذا النموذج إما أبله أو منافق أو مستبد او شهواني أو إرهابي ، في حين تعجز عن الإتيان بالبديل المعتدل الصالح، لتظل صورة المسلم الملتزم بهذا الشكل دائما عند الناس.
في حين تتعاطف مع السارق والساقطة، والتي هربت مع ابن الجيران او مع غيره، وتعذرهم وتحنو عليهم، فعندهم للرقص رسالة، وللعري هدف، وللشذوذ دوافع.
ولذلك أقول إنه يجب على الممثل الملتزم أن يكون مثقفا فاهما لأدواته الفكرية والحرفية قارئا للتاريخ، متبحرا في أعماق المجتمع الذي يعيش فيه.
بل وأدعو أصحاب المواهب التمثيلية من الملتزمين والمثقفين والمبدعين والدعاة إلى الاهتمام بالدراما والإعلام، لما في ذلك من الأثر الكبير في حياة الناس في ظل انصراف الأمة عن القراءة، حتى كاد يمثل الإعلام والدراما المنفذ الوحيد للمعرفة لدى اغلب الناس، أم إن هناك الآن محاكم تفتيش تعم الوسط الفني للبحث عن كل ما هو إسلامي واتهامه بالرجعية والتطرف؟
حتى ترتقي الأمة لابد من وجود إعلام راق يهدف إلى تثقيف الناس وتعليمهم وتبصيرهم بحقائق الأشياء.
ويجب على من يحمل القيم والعلوم والمواهب في هذا الإطار أن يبني إعلاما فكريا ناضجا لا يسخر من الدين، ولا يتاجر بمشاعر الناس وهمومهم، ولا يؤجج في شباب الأمة الشهوات والشبهات، وإنما إعلام يحث على إعمال العقل واحترام ثوابت الدين.
2
منذ فتره ليست بالوجيزة بدأت المؤشرات الداله على فشل نظامنا فى التعليم فى الظهور الى ان جاءت الاحداث الاخيره لتنذر بتصدع هذا الهيكل وقرب انهياره. وبتدقيق النظر فى العوامل التى تؤدى لقيام الانظمه التعليميه نجد ان اى نظام تعليمى يتشكل من ابنيه تعليميه ومناهج وطلاب ومعلمين وايدويوجيه تحدد مساره ، تتحد تلك العوامل معا لتفرز شكل وكيفية التعليم فى اى بلد من البلاد.
والتعليم المصرى يتكون من ابنية تعليميه لا تنطبق عليها المواصفات القياسيه ومناهج عقيمة محتواها يعتمد على الحشو وطرق تدريس تقليدية ووسائل تعليمية قاصره واساليب تقويم تقيس الحفظ والاستظهار ولا تقدم تغذيه راجعة للطلاب. هؤلاء الطلاب الذين يحملون بداخلهم طموحات غالبا لا تتفق مع قدراتهم وامكاناتهم دفعتهم لها افكار افلاطونيه تقدس العمل المكتبى وتنظر نظره دونيه للاعمال اليدويه والحرفيه.
ويأتى المعلم ضمن تلك المنظومة بامكانياته القاصره واعداده الغير كفء ليشكل عقبة اخرى فى سبيل النهوض بالتعليم، فنجد طالبا يعد ليصبح معلم للغة الانجليزية لا يدخل معمل اللغة ليمارسها فعليا.
هذا الى جانب بعض التدخلات الخارجيه التى تطالب بالتعديل فى مناهجنا وكأنه حق مشروع لها فنجد موضوعات تحذف واخرى تضاف واخرى يجرى عليها التعديل حتى تتناسب مع رغبات دول اخرى ترعى مصالحها المستقبلية فتبدأ ببرمجة عقول النشىء لتحصل فى النهايه على منتج صنع خصيصا ليحقق مطامحها ، ولهذا لا نجد ان من الغريب منع بعض ايات القرآن الكريم التى تحث على الجهاد والمقاومة من العرض ضمن محتوى النصوص فى اللغة العربيه لصف من الصفوف.
ولنا ان نتخيل شكل هذا الفصل الدراسى ، به طلاب يتأففون ومدرسون يتخاذلون عن اداء مهمتهم على افضل وجه زاعمين بعدم جدوى ذلك ما دام الطالب قد درس المقرر خارج المدرسه فيتبعون طرق تعتمد فى المقام الاول على الالقاء والتلقين غافلين دور المناقشة وطرق الاكتشاف الوجه والحر ،وبالطبع تطبيق مثل هذه الطرق يساعد فى الكشف عن قصور الامكانات الماديه داخل المدرسه.
احدى العراقيل امام حصول ابناءنا على مستوى مميز من التعليم هى انقسامه الى نظامين احدهما حكومى والاخر خاص اسفرت عن ثنائية جديده كتللك التى ظهرت غضون فتره حكم الوالى محمد على باشا بين التعليم المدنى والدينى، كنتيجة لذلك الانقسام ظهرت فروق شاسعه بين كلا النظامين بالتأكيد تصب فى كفة التعليم الخاص.
فنجد طالب يجيد على الأقل لغتين اجنبيتين ويحسن استخدام الحاسب الألى لديه قدر من الثقافة العامة يمارس الانشطة الصفيه والغير صفية يجد الترفيه بصفة دورية وبالتأكيد ساعده على هذا توافر المال. وآخر يترقب عقارب الساعة لانقضاء وقت الدراسة يجلس بجواره اثنين من زملائه ليقضون 45دقيقة من الاستماع، لا يسمع شيئا عن الرحلات التعليمية بالكاد يعرف يكتب اسمه بالانجليزية عرف الحاسب الآلى من خلال مقاهى الانترنت التى يرتادها لممارسة العاب الكمبيوتر وزيارات مواقع الدردشة
وعلى رأس هذه المظومة تظهر الادارة التعليمية التى تتسم بالمركزيه تأخذ التعليمات فيها شكل هرمى تبدأ من قمة الهرم حتى تصل الى قاعدته ماره بالتعقيدات والبيروقراطيه والروتين . فليتنا تنعلم من تجارب استراليا والولايات المتحده وهونج كونج فى تطبيق الادراة الذاتية ليس فقط للاداره التعليمية للمنطقة بل ايضا للمدرسة .
ولعل من اهم طرق علاج هذه المشكلات الحفاظ على مجانيه التعليم مع دعمه المستمر وزيادة ميزانيته والاستفادة من تجارب الدول الاخرى فى مجال التعليم فنأخذ ما يتماشى مع ثقافتنا ونترك ما يتعارض مع هويتنا العربية هذا الى جانب تحقيق الاستقرار فى هيكل النظام وثبات عدد سنواته والتحرر من سيطرة الغرب كى يكون الخريج مرن قادر على مضاهاة نظيره خريج التعليم الخاص.